للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعطائكم وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة (١)، واني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام الا ضربت عنقه، يا غلام اقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين، فقرأ:

بسم الله الرحمن الرحيم:

من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين الى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم.

فلم يقل أحد شيئا، فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس فقال:

أسلم عليكم أمير المؤمنين فلم تردوا عليه شيئا؟ هذا أدب ابن نهيه (٢)، أما والله لأؤدبنكم غير هذا الادب، أو لتستقيمن، اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين، فقرأ فلما بلغ الى قوله: سلام عليكم، لم يبق في المسجد أحد إلاّ قال: وعلى أمير المؤمنين السلام، ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم، فجعلوا يأخذون حتى أتاه شيخ يرعش كبرا (٣٠ - ظ‍) فقال: أيها الأمير اني من الضعف على ما ترى، ولي ابن هو أقوى على الأسفار مني، أفتقبله مني بديلا؟ فقال له الحجاج: تفعل أيها الشيخ، فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الامير؟ قال: لا، قال هذا عمير بن ضابئ البرجمي الذي يقول أبوه:

هممت ولم أفعل وكدت وليتني … تركت على عثمان تبكي حلائله

ودخل هذا الشيخ على عثمان مقتولا، فوطئ بطنه فكسر ضلعين من أضلاعه فقال: ردوه، فلما رد قال له الحجاج: أيها الشيخ هلا بعثت الى أمير المؤمنين عثمان بديلا يوم الدار، ان قتلك أيها الشيخ صلاح للمسلمين، يا حرسي اضربا عنقه. فجعل الرجل يضيق عليه بعض أمره فيرتحل، ويأمر وليه أن يلحقه بزاده، وفي ذلك يقول ابن عبد الله بن الزبير الأسدي.


(١) -لقتال الخوارج بعد ما اشتدت شوكتهم وعظم خطرهم، وقد تخصص المهلب بحربهم وحقق أوسع النجاحات بعد حروب طويلة. أنظر كتابي «تاريخ العرب والاسلام»:١٧٧ - ١٨٠.
(٢) -ولي الحجاج العراقيين بعد بشر بن مروان. انظر تاريخ خليفة:١/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>