للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد النزوات، ان بعثتكم الى ثغوركم غللتم وخرتم وخنتم وجبنتم، وان أمنتم أرجفتم واخترصتم وطعنتم، ونافقتم، لا تذكرون حسنة ولا تشكرون نعمة، هل استخفكم ناكث أو استغواكم غاو أو استنفركم عاص أو استفزكم ظالم أو استعضدكم خالع الا اتبعتموه وآويتموه ونصرتموه، يا أهل العراق هل شغب، شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر إلاّ كنتم أشياعه وأنصاره، ألم تنهكم المواعظ‍ ألم تزجركم الوقائع؟!.

ثم التفت الى أهل الشام فقال: أنا كالظليم (١) الرامح عن فراخه ينفي عنها القذر، ويباعد عنها الحجر، ويقيها من المطر، ويحميها من الضباب، ويحرسها من الذئاب، يا أهل الشام أنتم الجنة (٢) والرداء، وأنتم العدة والحذاء.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش، قال: أخبرنا أبو علي الجازري، قال: أخبرنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي (٢٨ - ظ‍) قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن عباس عن عطاء-يعني-ابن مصعب عن عاصم قال: خطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم، فقال: يا أهل العراق إن الشيطان قد استنبطنكم فخالط‍ اللحم والدم والعصب والمسامع والاطراف ثم أفضى الى الأسماخ والأمخاخ، ثم ارتفع فعشش ثم باض وفرخ، ثم دب ودرج فحشاكم نفاقا وشقاقا وأشعركم خلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تشاورونه، فكيف تنفعكم تجربة أو ينفعكم بيان، ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر، وأجمعتم على الكفر، وظننتم أن الله جل وعز يخذل دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لو اذا، وتنهزمون سراعا، يوم الزاوية بما كان من فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم، وبراءة الله منكم، ونكوص وليكم اذ وليتم كالإبل الشاردة عن أوطانها، النوازع، لا يسأل المرء عن أخيه ولا يلوي الشيخ على بنيه، حين عضكم السلاح ونخستكم الرماح، يوم دير الجماجم، وما يوم دير الجماجم، بها كانت المعارك والملاحم:

بضرب يزيل الهام عن مقيله … ويذهل الخليل عن خليله


(١) -الظليم: ذكر النعام. النهاية لابن الاثير.
(٢) -الجنة الدفاع ومنها المجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>