. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عُمَيْرٍ، أَوْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، الْمَنْعَ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، ثُمَّ رَأَيْنَا جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْوِي جَوَازَهُنَّ عَلِمْنَا أَنَّ حَدِيثَهُ نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَهَذَا مِثَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إِلَّا رِوَايَةُ جَرِيرٍ لِلْمَسْحِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ رَاوِيَ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ لَمْ يَمُتْ قَبْلَ إِسْلَامِ رَاوِي الثَّانِي، بَلْ بَعْدَهُ ; فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَبَرَيْنِ قِيلَ قَبْلَ الْآخَرِ ; فَلَا يَتَحَقَّقُ أَيُّهُمَا النَّاسِخُ، وَلِمَعْرِفَةِ النَّاسِخِ طُرُقٌ أُخَرُ، لَمْ تُذْكَرْ فِي «الْمُخْتَصَرِ» تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: «ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ تَلْحَقُهُمَا أَحْكَامٌ لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ، كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَنَحْوِهَا» يَعْنِي كَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ «عَقَّبْنَاهُمَا» ، أَيْ: عَقَّبْنَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ بِذِكْرِهَا، أَيْ: بِذِكْرِ مَا يَلْحَقُهُمَا مِنَ الْعَوَارِضِ الْمَذْكُورَةِ، أَيْ: ذَكَرْنَاهَا عَقِيبَهَا. وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْبَيَانِ لِمُنَاسَبَةِ تَعْقِيبِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ، كَمَا بَيَّنَّا مُنَاسَبَةَ تَعْقِيبِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالنَّسْخِ فِي أَوَّلِهِ، وَكَانَ تَقْدِيمُ النَّسْخِ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي أَحْكَامِ عَوَارِضِهِ إِذَا كَانَ مَعْمُولًا بِهِ، وَالْمَنْسُوخُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ بِمَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، مَا اللَّفْظُ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ وَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، نُظِرَ حِينَئِذٍ فِي أَحْكَامِ عَوَارِضِهِ، لِئَلَّا يَضِيعَ النَّظَرُ فِي لَفْظٍ قَدْ بَطَلَ بِالنَّسْخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute