للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لو فرضنا أن ذلك كان حكما من عمر فإنه يعارضه ما روي عن عمر أنه تداعى عنده رجلان، فقال له أحدهما: أنت شاهدي فقال: إن شئتما شهدت ولم أحكم، أو أحكم ولا أشهد١.

ثالثا: القاضي يحكم بالشاهدين؛ لأنهما يعطيانه ظنا غالبا بصحة ما شهدا به، فيكون ما تحققه القاضي وقطع به أولى بالحكم٢.

مناقشة هذا الدليل:

أجيب عن هذا بأن القضاء بالشاهدين لا يؤدى إلى تهمة بخلاف قضاء القاضي بعلمه فإنه يوجد تهمة، إذ لا يؤمن على التقي أن تتطرق إليه التهمة، فمن المحتمل أن يكون هذا وسيلة إلى أن توجه القاضي أهواؤه، فيحكم على من يشاء من غير بينة، ولا غيرها من الحجج٣.

رابعا: القاضي يحكم بعلمه في تعديل الشهود وجرحهم، فكذلك يحكم بعلمه في ثبوت الحق، قياسا عليه.

مناقشة هذا الدليل:

أجيب عن هذا بأن الجرح والتعديل يحكم القاضي فيه بعلمه باتفاق العلماء؛ لأنه لو لم يحكم فيه بعلمه لأدى هذا إلى التسلسل، والتسلسل باطل، وبيان التسلسل أن القاضي يحتاج إلى معرفة عدالة المزكيين وجرحهما، فإذا لم يعمل


١ المغني، ج١١، ص٤٠٢.
٢ حاشية الجمل على شرح المنهج، ج٥، ص٣٤٩، وبداية المجتهد، ج٢، ص٥٨٧.
٣ المغني، ج١١، ص٤٠٣.

<<  <   >  >>