للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصنعة ذَلِك: أَن يُؤْخَذ الْعِنَب قبل أَن يستحكم نضجه وَهُوَ حامض فَتتْرك عناقيده ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة حَتَّى يذبل ثمَّ يعصر ويلقى فِي الدنان ويشمّس ثمَّ يسْتَعْمل كَمَا مر. فِي الأشربئ العتيقة وَمَنَافع ذَلِك: أَعنِي بِهَذَا الشَّرَاب القهوة هَذَا وإان كَانَ فِي ظَاهر الحسّ بسيطاً وَلكنه فِي الْحَقِيقَة غلاق ذَلِك فَلهَذَا أوردناه فِي القراباذين وَقدر الشّرْب مُخْتَلف بِحَسب سنّ الشَّارِب وبحسب أزمان السّنة وَمن حَال الْعَادة وَمن مزاج الشَّرَاب وَقواهُ وَيَنْبَغِي أَن لَا يَقع شرب الشَّرَاب على عَطش وَلَا يشرب مَعَ الطَّعَام بل يتَقَدَّم الطَّعَام بِزَمَان وَيصير زمَان ساعتين ثمَّ يشرب لِأَن من يشرب الشَّرَاب على الطَّعَام أَو يَأْكُل الطَّعَام على الشَّرَاب فَإِنَّهُ من أضرّ الْأَشْيَاء وَيُورث أمراضاً رَدِيئَة أخفّها الجرب. وَأما السكر فِي جَمِيع الْأَحْوَال فضار وَلَا سِيمَا إِذا أدمن لِأَنَّهُ مُحَلل للعصب وَلذَلِك إِذا أدمن ضعف واسترخى وَيكون أَيْضا سَببا لأمراض حادة وَسبب موت الْفجأَة. وَمن أَجود الْأَشْيَاء أَن يَأْخُذ الْإِنْسَان من الشَّرَاب بِقدر معتدل وَيَنْبَغِي أَن يشرب بعد الشَّرَاب مَاء بَارِدًا أَو مَاء الزَّمَان هَذَا إِذا كَانَ الشَّارِب شَابًّا لِأَنَّهُ يسكن صولة الشَّرَاب وَيكسر من غائلته سِيمَا فِي زمَان الصَّيف. وَأما للشيوخ فَلَا فَإِنَّهَا تضرّ بالأعصاب والحواس اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تكون لذيذة الطّعْم ويجتنب ذَلِك من كَانَت أعضاؤه الدَّاخِلَة مَرِيضَة ضَعِيفَة وَالْأولَى أَن يشرب مِنْهُ قَلِيلا ممزوجاً من كَانَ صَحِيح الْبدن. وَأما الشَّرَاب الحَدِيث فَإِنَّهُ نَافِع لعسر الانهضام ويدرّ الْبَوْل ويري أحلاماً رَدِيئَة. وَأما الشَّرَاب الْمُتَوَسّط بَين الحَدِيث والعتيق فَهُوَ مَا بَين ذَلِك وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يخْتَار شربه فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض. وَأما الشَّرَاب الْأَبْيَض الرَّقِيق فسَهْل الانهضام سريع النّفُوذ فِي الْجِسْم نَافِع للمعدة. وَأما الشَّرَاب الْأسود فغليظ عسر الانهضام. وَبِالْجُمْلَةِ الْمُتَوَسّط بَينهمَا متوسط الْحَال وَالشرَاب الحلو أعْسر انهضاماً وَأَيْضًا فَإِن الشَّرَاب الْأَبْيَض مُخْتَلف المزاج والخلو مِنْهُ ينْفخ الْمعدة ويسدّ على الْبَطن والأمعاء مثل الْمَطْبُوخ وَالشرَاب الريحاني يهضم الطَّعَام وينفع المثانة والكليتين ويدرّ الْبَوْل والطمث ويسكن وَيعْقل الْبَطن وَيقطع البلة. والين من الشَّرَاب أقلّ مضرَّة للعصب ويدر الْبَوْل ويلين الْبَطن تَلْيِينًا معتدلاً. وَأما الشَّرَاب الَّذِي يَقع فِيهِ الجبسين فَإِنَّهُ يضرّ بالعصب والمثانة ويصدع ويعرض للتلف وهورديء لمن بِهِ نفث الدَّم. وَأما الشَّرَاب الني يَقع فِيهِ الزفت والريتيانج فَإِنَّهُ مسخن يهضم الطَّعَام غير مُوَافق لمن بِهِ نفث الدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>