للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي ورم بَاطِن يمد الْقلب عفونة مُتَّصِلَة أوجبت الدّور الَّذِي ذكرنَا لكل وَاحِدَة فَعرض وأقلع وَإِن كَانَت البلغمية لَا يقْلع إِلَّا وَهُنَاكَ بَقِيَّة خُفْيَة. وَإِذا عفنت دَاخل الْعُرُوق أوجبت لُزُوم الْحمى وَلم تكن مقلعة وَلَا قريبَة من المقلعة بل كَانَت لَازِمَة دائمة لَكِن لَهَا اشتدادات تتعرف بهَا النّوبَة الَّتِي لَهَا. وَإِذا كَانَت العفونة الدَّاخِلَة مُشْتَمِلَة على الْعُرُوق كلهَا أَو على أَكثر مَا يَلِي الْقلب مِنْهَا لم تكد الاشتدادات والنقصانات تظهر وَإِذا كَانَت على خلاف ذَلِك ظَهرت التغيرات ظهوراً بيِّناً وَإِنَّمَا كَانَت العفونة الْخَارِجَة تقلع ثمَّ تنوب لِأَن الْمَادَّة الَّتِي تعفن تَأتي عَلَيْهَا العفونة فِي مُدَّة النّوبَة فتفني رطوباتها الَّتِي بهَا تتَعَلَّق الْحَرَارَة وتتحلل وَتخرج من الْبدن لِأَنَّهَا غير محبوسة فِي الْعُرُوق فيمنعها ذَلِك عَن تَمام التَّحَلُّل وَتبقى رماديتها وأرضيتها الَّتِي لَيست مَظَنَّة للحمى والحرارة كَمَا يرى من حَال عفونة الأكداس والمزابل قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى يترمد الْجَمِيع ثمَّ لَا يبْقى حرارة. وَإِذا لم تبْق فِي الْخَلْط المحترق بالعفونة حرارة بطلت الحمّى إِلَى أَن تَجْتَمِع مَادَّة أُخْرَى إِلَى مَوضِع العفونة وَقد بقيت فِيهَا بَقِيَّة حرارة من العفونة الأولى. وَإِن لم تبْق مَادَّة أَو لوُجُود عِلّة التعفّن من الأول فِي الْمَادَّة الأولى فتشتعل فِي الْمَادَّة الثَّانِيَة على سَبِيل التعفين فَأمر العفونة يَدُور على وجود حرارة مقصرة تعفن وتحلّل وترمّد وتتعدى إِلَى المجاور حَتَّى تقطع الْحَد وتفني الْمَادَّة وَلَا تَجِد مجاوراً آخر وَتبقى بَقِيَّة حمى تنْتَظر مَادَّة أخرق تتحلّب إِلَى موضعهَا. وَأما إِذا كَانَت العفونة دَاخل الْعُرُوق فقد يعرض أَن يكون التَّحَلُّل التَّام متعذّراً وَأَن تَدور العفونة لاتصال بعض مَا فِي الْعُرُوق بِبَعْض فتعفن كل شَيْء مَا يجاورهم تَدور المجاور الآخر وَأَيْضًا فَإِن المحصورة فِي الْعُرُوق شَدِيدَة المواصلة للقلب وَهَذِه الحميات الَّتِي لَهَا نَوَائِب إقلاع وتفتير قد يتْرك نظامها لاخْتِلَاف الْموَاد فِي الْكَثْرَة والقلة والغلظ والرقة ولاختلافها فِي الْجِنْس بِأَن ينْتَقل بعض الْموَاد فَيصير من جنس مَادَّة أُخْرَى يُخَالِفهَا فِي النَّوْع لَا فِي الْكَثْرَة والقلة والغلظ والرقة فَقَط. وَقد يكون من سوء تَدْبِير العليل أَو لضَعْفه أَو لِكَثْرَة حسه ونوائب المقلعة تبتدئ فِي أَكثر الْأَمر بقشعريرة أَو برد أَو نافض وتتحلل بالعرق وَإِنَّمَا صَارَت تبتدئ بالبرد أَو بالقشعريرة فِي الْأَكْثَر أما لسَبَب برد الْخَلْط وَأما للدغ الْخَلْط للعضل بحدتهَ وَأما لغور الْحَرَارَة إِلَى الْبَاطِن متجهة نَحْو الْمَادَّة وَأما لضعف الْقُوَّة وَأما لبرد الْهَوَاء وَالَّذِي يكون من لذع الْحَرَارَة فَهُوَ أولى بِأَن ينْسب إِلَى القشعريرة مِنْهُ إِلَى الْبرد. وَأكْثر مَا يعرض مِنْهُ أَن يكون كنخس الأبر فِي كل عُضْو وَأما تحلل الْمَادَّة بالعرق فَإِن الْحَرَارَة المعفنة تحلل الرُّطُوبَة وَتبقى الرمادية وَإِذا كَانَت تِلْكَ الرُّطُوبَة غير محصورة فِي الْعُرُوق سهل اندفاعها فِي المسام عرقاً

<<  <  ج: ص:  >  >>