فصل فِي أوجاع المفاصل وَمَا يعم النقرس وعرق النسا وَغير ذَلِك: السَّبَب المنفعل فِي هَذِه الْأَمْرَاض هُوَ اَلعضو الْقَابِل وَالسَّبَب الْفَاعِل هُوَ الأمزجة والمواد الرَّديئَة وَالسَّبَب الآلي هُوَ سَعَة المجاري الطبيعية لعَارض أَو خلفة أَو حُدُوث مجار غير طبيعية أحدثتها الْحَرَكَة والتهلهل والتخلخل لعَارض أَو خلفة كَمَا فِي اللحوم الغمدية ثمَّ ينْفَصل كل وَاحِد من هَذِه الْأَقْسَام بفاصل. فالعضو الْقَابِل يصير سَببا لحدوث هَذِه الْأَمْرَاض إِمَّا لضَعْفه بِسَبَب سوء مزاج مستحكم وخصوصاً الْبَارِد أَو ضعفه فِي خلقته لَا من جِهَة مزاجه أَو لشدَّة جذب حرارته وخصوصاً إِذا أعينت بالحركة والأوجاع بِأَسْبَاب من خَارج. وَإِن كَانَ هَذَا الْقسم لَيْسَ بِبَعِيد على الْقسم المزاجي أَو بِسَبَب وَضعه تَحت الْأَعْضَاء الْأُخْرَى وَحَيْثُ تتحرك إِلَيْهِ الْموَاد بالطبع وَلِهَذَا مَا يكثر فِي الرجلَيْن والورك. وَأما السَّبَب الْفَاعِل فإمَّا سوء مزاج فِي الْبدن كُله أَو فِي الرئيسة من أَعْضَائِهِ ملتهب مبرد مجمد أَو ميبس مقبض وخصوصاً إِذا خالطته رُطُوبَة غَرِيبَة. وَأما الْموَاد فإمَّا أَن تكون دَمًا مُفردا أَو دَمًا بلغمياً أَو دَمًا صفراوياً أَو دَمًا سوداوياَ أَو يكون دَمًا مُفردا أَو سدة الخام أَو مرّة مُفْردَة أَو خلطاً مركباَ من بلغم وَمرَّة أَو شَيْء من جنس الْمدَّة أَو ريَاح مشبكة. وَأكْثر مَا يكون عَن بلغم مَعَ مرّة ثمَّ عَن خام ثمَّ عَن دم ثمَّ عَن صفراء وَفِي النَّادِر يكون عَن سَوْدَاء. وَأَسْبَاب أَقسَام هَذَا السَّبَب بعض الْأَسْبَاب الْمَاضِيَة والنوازل والأزكمة من أَسبَابهَا ومعالجة القولنج على النَّحْو الَّذِي تقوى فِيهِ الأمعاء وتدفع الفضول الْمُعْتَادَة وَلَا يقبلهَا فتندفع إِلَى الْأَطْرَاف. وَمن أَسبَابهَا أَيْضا الأغذية المولدة للْجِنْس المحدثة لذَلِك الوجع وَمن الْموَاد وَقلة الهضم والدعة والسكون وَترك الرياضة وَالْجِمَاع الْكثير وتواتر السكر واحتباس الاستفراغات الْمُعْتَادَة من دم الْحيض والمقعدة وَغير ذَلِك وَمِمَّا كَانَت الْعَادة قد جرت بِهِ من قصد أوإسهال فَترك. وأيضاَ الرياضة على الإمتلاء وَالْجِمَاع على الامتلاء وَالْحمام على الامتلاء من الطَّعَام وَالشرَاب الْكثير على الرِّيق قبل الطَّعَام فَإِنَّهُ ينْكَأ العصب والأخلاط النِّيَّة إِذا اجْتمعت فِي الْبدن ثمَّ لم يستفرغ بالطبع فِي البرَاز وَلَا بالصنعة لم يكن بُد من تأدّيها إِلَى أوجاع المفاصل إِن اندفعت إِلَيْهَا أَو إِلَى حمّيات إِن بقيت وعفنت. فَأَما إِذا كَانَت الطبيعة تدفعها فِي برَاز أَو بَوْل فتجد الْبَوْل مَعهَا غليظاً دَائِما غير رَقِيق فج فبالحري أَن تؤمن غائلتها. فَإِن لم يكن كَذَلِك كَانَ أحد مَا قُلْنَاهُ وَإِن أعَان هَذِه الْموَاد النِّيَّة حَرَكَة إِلَى المفاصل متعبة أَو ضَرْبَة أَو سقطة أَو زَاد فِي ضعف القوى عطب وسهر يُضعفَانِ القوى ويجذبان الْموَاد إِلَيْهِ فَتَصِير نَافِذَة غواصة حدثت أوجاع المفاصل. وَهَذِه الأخلاط أَكْثَرهَا فضل الهضم الثَّانِي وَالثَّالِث. وَأولى من تكْثر - فِيهِ هَذِه الْمَشَايِخ أَصْحَاب الْأَمْرَاض المزمنة والناقهون إِذا لم يدبروا أنفسهم بِالصَّوَابِ فِي ذَلِك لِأَنَّهُ يضعف قواهم عَن الهضم الْجيد وخصوصاً إِذا كَانُوا عولجوا بالتسكين دون الاستفراغ الوافي وَالدَّفْع الْبَالِغ. وَإِنَّمَا تكْثر الأوجاع فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute