واشتدت وطالت وَلما أعَاد شربه مَرَّات ابتدأت بِهِ حمى أُخْرَى من حميات الرّبع أَيْضا ثمَّ أُخْرَى فَحصل عَلَيْهِ ثَلَاث حميات ربع.
لي المبدلة للمزاج إِنَّمَا تحْتَاج اسْتِعْمَالهَا بعد أَن يكون مَا تُرِيدُ أَن تبدل مزاجه قد قلت كميته لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يقوى على تَبْدِيل ذَلِك المزاج فَأَما إِن حاولت أَن تبدل مزاجاً كثيرا فِي الْغَايَة لم تقو على تَبْدِيل ذَلِك من مزاجه وَإِن كَانَت هَذِه الْحمى الْفَاعِل لَهَا الْحَرَارَة والهيولى سَوْدَاء فَمَتَى كَانَت الهيولى متمكنة كَثِيرَة وَكَانَ الْحر أقوى أمكن أَن يعْمل مِنْهَا أَكثر لِأَنَّهُ لَا يفقد وجود الْفَاعِل والمنفعل وَضعف الْمَادَّة يكون على ضَرْبَيْنِ: أما أَن يستفرغ وَإِمَّا أَن تحللها الْحَرَارَة فَلذَلِك صَارَت هَذِه الْأَدْوِيَة تسقى فِي آخر الْأَمر لِأَن الْمَادَّة حِينَئِذٍ قَليلَة فتقوى هَذِه على تَبْدِيل المزاج إِلَّا أَنه لَيْسَ من الرَّأْي أَن تدع الاستفراغ إِذا أمكن وتسلم التَّحْلِيل لِأَن الْمدَّة تطول بِهِ وَلَو أَن إنْسَانا استفرغ السَّوْدَاء مَرَّات إِذا صَحَّ عِنْده حمى ربع ثمَّ أَخذ الْأَشْيَاء المبدلة للمزاج لَكَانَ قد اقتصد فِي الطَّرِيق أَكثر مِمَّا ينْتَظر فِيهَا أَن تَجف الْمَادَّة بالنضج وَفِي الْأَكْثَر تَنْقَطِع الْحمى الْبَتَّةَ من غير أَن تحْتَاج إِلَى المبدلة للمزاج بالاستفراغ فَقَط وَقد رَأَيْت من سقى مسهلاً أَقَامَهُ خَمْسَة عشر مَجْلِسا فَلم تنب حماه بعد ذَلِك وَكَانَت ربعا.
قَالَ ج فِي الترياق إِلَى قَيْصر: قد أبرأت خلقا بِأَن أسهلتهم أَولا ثمَّ سقيتهم عصارة الأفسنتين ثمَّ سقيتهم ألف هـ الترياق قبل الدّور بساعتين فبرؤا فِي شربتين أَو ثَلَاث.
قَالَ ج فِي الأهوية والبلدان: الرّبع إِن تطاولت وَآل الْأَمر إِلَى الاسْتِسْقَاء وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَت الرّبع إِنَّمَا حدثت عَن طحال عَظِيم أَو عملت طحالاً ثمَّ دَامَت مَعَ ذَلِك فَأَما من حَيْثُ هِيَ ربع فَهِيَ أسلم الحميات وأخفها على الْبدن لِأَنَّهَا تريحه طَويلا وَيكون بهَا التَّخَلُّص مَرَّات من الصرع والوسواس وَغير ذَلِك من أَمْثَالهَا.
جورجس قَالَ: الرّبع لَا تبتدئ بنافض شَدِيد الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَبعد الِانْتِهَاء اسْقِ تريلقاً عزْرَة ودواء الكبريت والفلافلي والكموني والحلتيتي فَإِن هَذِه نافعة بعد الِانْتِهَاء.
قَالَ: وَإِن رَأَيْت قوته قَوِيَّة فاستفرغه بالحبوب بعد الِانْتِهَاء والقيء بعد الطَّعَام نَافِع.
البحران قَالَ: كَيفَ تعرف الرّبع من أول نوبَة وَقد قلت فِي ذكر الغب إِن الغب والنافض فِي هَذِه)
لَا تشبه الغب فَأَقُول: إِن كنت عرفت نبضه فِي صِحَّته جسسته قبل أَن تبتدئ النّوبَة لم تحتج إِلَى عَلامَة أُخْرَى غير النبض حَتَّى نقضي بِأَنَّهَا ربع وَذَلِكَ أَن انقلاب النبض فِي هَذِه دفْعَة إِلَى التَّفَاوُت مَعَ ابْتِدَاء النّوبَة وَفِي انتهائها والإبطاء يكون مفرطاً جدا.
وَقد حضرت أَقْوَامًا كنت أعرف نبضهم فِي حَال صحتهم ابتدأت بهم نوبَة ربع فَقضيت أَنَّهَا ربع وَلم أخطئ فِي ذَلِك فَإِن كنت غير حَافظ من أَمر النبض بِهَذِهِ الْمقَالة فاستدل بِالزَّمَانِ والمزاج وَمَا تقدم من التَّدْبِير وَعظم الطحال وبالحميات المختلطة وَهل تَنْقَضِي فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute