حَال زمانين وَثَلَاثَة ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة أَرْبَعَة فَإِنَّهُ مَتى اتّفقت أزمنة أَكثر على طَبِيعَته كَانَ ذَلِك أقوى وأغلب.
السَّادِسَة من الفضول قَالَ: الرّبيع فِيهِ أمراض مزمنة لِأَن الأخلاط تذوب وتتسع فِيهِ وتندفع إِلَى الْأَعْضَاء الضعيفة. وَأما الخريف فتهيج فِيهِ الْعِلَل لرداءة الأخلاط ولسوء التَّدْبِير فِي الصَّيف وَأكل الْفَوَاكِه.
الْمقَالة الأولى من طبيعة الْإِنْسَان: الشتَاء يكون فِيهِ البلغم وَيعلم ذَلِك من أَن النَّاس يستبرؤن ويتقيؤن أَشْيَاء بلغمية وألوان الأورام خَاصَّة فِي هَذَا الْوَقْت إِلَى الْبيَاض والأورام الْحَادِثَة فِيهِ بلغمية.
وَأما الرّبيع فتتقوى فِيهِ القوى وَيكثر فِيهِ الدَّم لِأَن الْبرد يسكن والأمطار تتواتر وَكَثْرَة الدَّم عَن الأمطار وحر النَّهَار.
قَالَ: وَذَلِكَ شَيْء يكون فِي الرّبيع وَالدَّلِيل على كَثْرَة الدَّم فِي الرّبيع أَن النَّاس يعرض لَهُم فِي الرّبيع والصيف اخْتِلَاف الدَّم والرعاف وأبدانهم تكون شَدِيدَة الْحَرَارَة والحمرة وَأما الصَّيف فيسخن فِيهِ الدَّم ويقوى فِيهِ المرار ويمتد ذَلِك إِلَى الخريف فَإِذا كَانَ الخريف قل الدَّم لِأَن طبيعة هَذَا الْوَقْت مضادة للدم بالطبع وَأما المرار فيغلب فِي الْبدن فِي الصَّيف والخريف وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن النَّاس قد يتقيؤن حِينَئِذٍ فِي هَذَا الْوَقْت المرار من أنفسهم والأدوية المسهلة تستفرغه وَأما البلغم فيوجد فِي الصَّيف فِي غَايَة الضعْف.
قَالَ: والسوداء تكْثر فِي الخريف وتقوى فِي الْغَايَة وَفِي الشتَاء لِكَثْرَة الأمطار ولطول اللَّيْل وَقلة حر النَّهَار ولكثرة برد النَّهَار يكثر البلغم.
الثَّانِيَة: إِذا فسد الْهَوَاء فَاجْعَلْ الْمَكَان الْمُحِيط بِهِ مضاداً فِي كيفيته إِمَّا بالأسخان أَو بالتبريد أَو بالترطيب. قَالَ: وَتقدم إِلَى النَّاس إِلَّا يُغيرُوا تدبيرهم إِذا كَانَ لم يحدث ذَلِك عَلَيْهِم لتدبيرهم بل للهواء وتغيره فَانْظُر أَلا تقضف الْأَبدَان وتضعفها جدا لَكِن انقص من الْغذَاء قَلِيلا قَلِيلا وَاجعَل مَا يدْخل الْبدن من الْهَوَاء فِيهِ أقل مَا يكون وَذَلِكَ يكون بترك الْأَشْيَاء الَّتِي تحوج إِلَى الِاسْتِنْشَاق)
وبنقصان الْغذَاء قَلِيلا قَلِيلا.
الثَّانِيَة من طبيعة الْإِنْسَان: اسْتعْمل الْأَطْعِمَة فِي الشتَاء أَكثر من سَائِر أَوْقَات السّنة وَأما الشَّرَاب فَلْيَكُن صرفا قَلِيل المَاء وَقَلِيل الْمِقْدَار فِي نَفسه أَيْضا وَاجعَل الْأدم شواء وقلايا وَأَشْيَاء مجففة لِأَن هَذَا التَّدْبِير يَجْعَل مزاج الْبدن يَابسا فِي الْغَايَة فغذا جَاءَ الرّبيع فزد فِي كمية الشَّرَاب وكمية المزاج بِالْمَاءِ وانقص من الطَّعَام قَلِيلا وَاجعَل أَيْضا مَا هُوَ غذَاء أرطب وانتقل من الشواء إِلَى الطبيخ والبقول إِلَى أَن يَجِيء الصَّيف فَاسْتعْمل حِينَئِذٍ الْأَطْعِمَة الرّطبَة والبقول السليقة وَيكثر الشَّرَاب والمزاج وَتجْعَل الأغذية قَليلَة الْغذَاء وينتقل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute