وَأما مَا يزِيد فِي حرارة الْبدن فَأَما أَن يكون من دَاخله وَإِمَّا من خَارجه وَإِمَّا مِنْهُمَا جَمِيعًا أما من دَاخله فبالأدوية والأغذية الحارة وحركات الْبدن وَالنَّفس والعفن وَتَحْت هَذِه من الْأَنْوَاع: التَّعَب والسهر وَالْغَضَب وَالْغَم والهم والفزع. والحرارة الزَّائِدَة فِي الْبدن من أجل خراج أَو دمل أَو نَحْو ذَلِك فَأَما الَّذِي يسخنه من ظَاهره وباطنه فكالهواء الْحَار فَجَمِيع أصنافها على هَذِه الْقِسْمَة: أما تكاثف الْجلد أَو سدد المسام أَو تَعب أَو غم أَو سهر أَو غضب أَو خوف أَو هَوَاء حَار كالصيف وَالشَّمْس أَو أغذية أَو أدوية حادة وَلَا يحدث عَن الْفَرح لأان الْفَرح يحلل الْحَرَارَة.
قَالَ: كل حمى يَوْم لَهَا سَبَب باد وَلَيْسَ كل مَا لَهُ سَبَب باد حمى يَوْم لِأَنَّهُ مُمكن أَن يثير السَّبَب البادي عفونة فَتكون الْحمى حمى عفن وكل حمى لم يتقدمها سَبَب باد فَهِيَ حمى عفن إِلَّا أَنه لَا يجب أَن يكون كل حمى عفن لَا يتقدمها سَبَب باد لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون السَّبَب البادي مهيجاً للعفن.
عَلَامَات حمى يَوْم أَن يكون الْمَرِيض إِذا استحم بعد انصرافها لَا يحس فِي الْحمام بنافض ثمَّ يعود إِلَى الْحَال الطبيعية على التَّمام وَألا يكون فِيهَا نافض وَألا يخْتَلف النبض وَأَن تكون حَرَارَتهَا فِي الصعُود غير مؤذية محرقة لَكِنَّهَا هادية بخارية وينقى مِنْهَا الْبدن نقاءً كَامِلا إِذا فَارَقت وتفارق أما بعرق أَو بندى كثير فِي الْبدن وَلَا يزَال الْبَوْل فِيهَا نضيجاً فِيهِ رسوب حميد. وَفِي حمى الْغَضَب نارية الْبَوْل مَعَ حرارة يجد العليل حسها. وَفِي حمى غم نارية الْبَوْل مَعَ حِدة يجد العليل حسها من أجل اليبس الْمُتَوَلد من الْغم وغؤور الْعين. وَفِي حمى السهر تغور الْعين إِلَّا مَعَ ميل إِلَى النعاس وانكسار الأجفان. وَفِي الْغم يكون غؤور الْعين مَعَ تحرّك شَدِيد لَا يفتر. وَفِي الْغَضَب الْعين فِيهَا جاحظة. وَفِي حمى الْغم الْوَجْه فِيهِ صفرَة مَعَ نحافة. وَفِي السهر الْوَجْه أصفر مَعَ تهبج. وَفِي الْغَضَب الْوَجْه والجسم منتفخان إِلَّا أَنه مَعَ حمرَة وَحسن حَال شَبيه بِالْخصْبِ الطبيعي.
وَفِي السهر ينتفخ الْوَجْه وَالْبدن إِلَّا أَنه مَعَ صفرَة وَسُوء حَال كالتهبج الْحَادِث من مرض. وَفِي الْغَضَب النبض مشرف عَظِيم. وَفِي الْغم صَغِير. وَفِي السهر صَغِير. وَفِي التَّعَب الْجلد يَابِس)
وَإِن كَانَ التَّعَب قَلِيلا لم يمْكث طَويلا عَنهُ الْحمى لَكِن يخرج من الْبدن رُطُوبَة تلينه وَإِن كَانَ شَدِيدا مفرطاً بَقِي اليبس فِي الْبدن فِي وَقت انحطاط الْحمى أَيْضا والشديد يَجْعَل النبض صَغِيرا إِذا حل الْقُوَّة واليسير مِنْهُ يَجْعَل النبض عَظِيما إِلَّا أَن الْقُوَّة بَاقِيَة. وَفِي الأحتراق فِي الشَّمْس الْجلد يَابِس مَعَ لهيب الرَّأْس وَالْعين وَمن التَّعَب من غير شمس يكون الْجلد يَابسا إِلَّا أَنه عديم التهاب الرَّأْس وَالْعين. تكاثف الْجلد يعرف باللمس لِأَنَّهُ صلب مكتنز كثيف كالجلد المدبوغ وَإِذا وضع عَلَيْهِ الْيَد لم يحس بالحرارة أَولا إِلَّا شَيْئا قَلِيلا لِأَنَّهَا لَا تقدر أَن تبرز إِلَى الْيَد لتكاثف الْجلد فَأن أَدِيم اللَّمْس حَتَّى يسخن الْجلد وتتسع مسامه ظَهرت لَك فَوَجَدتهَا أقوى من الَّتِي أحسست فِي أول الْأَمر كثيرا وَالْبَوْل فِي هَذِه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute