للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: إن فتنة الممات سؤال الملكين للميِّت في قَبْرِه عن ربِّه، ودينه ونبيِّه؛ لقول النبيِّ : «إنه أُوحِيَ إلي أنكم تُفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدَّجَّال» (١). فأمَّا مَنْ كان إيمانُه خالصاً فهذا يسهل عليه الجواب.

فإذا سُئل: مَنْ ربُّك؟ قال: ربِّي الله.

مَنْ نبيُّك؟ قال: نبيِّي محمَّد.

ما دينك؟ قال: ديني الإسلام. بكلِّ سُهولة.

وأما غيره ـ والعياذ بالله ـ فإذا سُئل قال: هاه … هاه … لا أدري؛ سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته (٢).

وتأمل قوله: «هاه … هاه … » كأنه كان يعلم شيئاً فنسيه، وما أشدَّ الحسرة في شيء علمتَه ثم نسيتَه؛ لأن الجاهل لم يكسب شيئاً، لكن النَّاسي كسب الشيء فخسره، والنتيجة يقول: لا أدري مَنْ ربِّي، ما ديني، مَنْ نبيي. فهذه فتنة عظيمة؛ أسألُ الله أن ينجِّيني وإيَّاكم منها، وهي في الحقيقة تدور على ما في القلب، فإذا كان القلب مؤمناً حقيقة يرى أمور الغيب كرأي العين، فهذا يجيب بكلِّ سُهولة، وإن كان الأمر بالعكس فالأمر بالعكس.


(١) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (٨٦)؛ ومسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (٩٠٥) (١١).
(٢) كما في حديث البراء المشهور، وقد تقدم تخريجه ص (١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>