اختار الله تعالى لنا أهل البيت، فنابذتم العرب، وناهضتم الأمم، وكافحتم البهم، لا نبرح نأمركم فتأتمرون، حتى دارت لكم بنا رحى الإسلام، ودرّ حلب الأيام، وخضعت نعرة الشرك، وباخت «١» نيران الحرب، وهدأت دعوة الهرج، واستوسق «٢» نظام الدين، فأنّى جرتم بعد البيان، ونكصتم بعد الإقدام، وأسررتم بعد الإعلان «٣» ، لقوم نكثوا أيمانهم؟ أتخشونهم؟ فالله أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين «٤» . ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدّعة، فعجتم عن الدين، ومحجّتكم التي وعيتم، ولفظتم التي سوّغتم. إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ
(ابراهيم: ٨) . ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خامر صدوركم، واستشعرته قلوبكم، ولكن قلته فيضة النّفس، ونفثة الغيظ، وبثّة الصدر، ومعذرة الحجّة.
فدونكموها فاحتقبوها مدبرة الظّهر، ناقبة الخفّ، باقية العار، موسومة بشنار الأبد، موصولة بنار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة، فبعين الله ما تفعلون وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ