للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضمينه بمعنى التصديق لا يقصد معناه الأصلي، وأرأيتك بمعنى أخبرني. "ا. هـ"، وهو باطل، لما أنه مفوت فائدة التضمين من أداء كلمة مؤدى كلمتين، وجعل: "أرأيتك" بمعنى: أخبرني من التضمين: غير ظاهر.

والسادس: أن المعنيين مرادان على طريق عموم المجاز كما بيناه في رسالتنا.

وذكر بعضهم في التضمين قولًا آخر لو صح كان "سابعًا"، وهو: أن دلالته غير حقيقية؛ ولا تجوز في اللفظ، وإنما التجوز في إفضائه إلى المفعول، وفي النسبة غير التامة، ونقل ذلك عن ابن جني، وقال: ألا ترى أنهم حملوا النقيض على نقيضه، فعدوه بما يتعدى به، كما عدوا: "أسر" بالباء، حملًا: على "جهر" و"فضل" بعن حملا على "نقص"، ولا مجاز فيه قطعًا بمجرد تغيير صلته، وإنما هو تصرف في النسبة الناقصة. ا. هـ.

وهذا القول مخالف لما نص عليه ابن جني في الخصائص، وقد تقدم كلامه فيها. ومن العجب أن هذا الناقل نقل كلامه في الخصائص، واستدل به المذهب في التضمين جعله مغايرًا لهذا، وحمل النقيض على النقيض ليس من التضمين، ولا قريب منه ليقرب به، ولهذا قابله بعضهم به، فإنه قال في المغني في بحث "على" وقد تكلم على قوله: "إذا رضيت على بنو قشير" يحتمل أن يكون "رضي" ضمن معنى: "عطف"، وقال الكسائي: حمل على نقيضه وهو سخط. ا. هـ. سأل الله تعالى الرضا بغير سخط، بفضله وكرمه.

وبقي قول آخر: إن ثبت كان "ثامنًا"، واختاره المولى ابن كمال باشا حيث قال: وبالجملة لا بد في التضمين من إرادة معنيين من لفظ على وجه يكون كل منهما بعض المراد، وبه يفارق الكناية، فإن أحد المعنيين تمام المراد، والآخر وسيلة إليه، لا يكون مقصودًا أصالة، وبما قررناه اندفع ما قيل، والفعل المذكور إن كان في معناه الحقيقي، فلا دلالة له على الفعل الآخر، وإن كان في معنى الفعل الآخر، فلا دلالة على المعنى الحقيقي، وإن كان فيهما لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز، ولا يمكن أن يقال ههنا ما يقال في الجمع بين المعنيين في صورة التغليب؛ لأن كلا من المعنيين ههنا مراد بخصوصه. ا. هـ، المقصود منه.

ولا يخفى أنه لم يظهر الدفاع الجمع بين الحقيقة والمجاز في التضمين، لما

<<  <  ج: ص:  >  >>