للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ياسين على التصريح أن التضمين سماعي كما هو المختار١.

ثم قال: واعلم أن كلام المصنف في المغني في تقريره التضمين في مواضع يقتضي أن أحد اللفظين مستعمل في معنى الآخر؛ لأنه قال في {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} ، أي: فلن تحرموه، وفي: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} أي: لا تنووا. وحينئذ فمعنى قوله: "إنه إشراب لفظ معنى آخر". . .، أن اللفظ مستعمل في معنى الآخر فقط، فإن هذا هو الموافق لذلك التقرير، وإن احتمل أنه مستعمل في معناه ومعنى الآخر.

وقول ابن جني في الخصائص: "إن العرب قد تتوسع فتوقع أحد الحرفين٢ موقع الآخر، إيذانًا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر، فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد، مع ما هو بمعناه" صريح في أنه مستعمل في معنى الآخر فقط.

وعلى هذا فالتضمين مجاز مرسل؛ لأنه استعمال اللفظ في غير معناه لعلاقة بينهما وقرينة، كما سيتضح ذلك، وهذا أحد أقوال فيه.

وقيل: إن فيه جمعًا بين الحقيقة والمجاز، لدلالة المذكور على معناه بنفسه، وعلى معنى المحذوف بالقرينة.

وهذا إنما يقول به من يرى جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز، وهو ظاهر قول المغني "إن فائدته أن تؤدي كلمة مؤدى كلمتين"، فظاهر تعريفه مخالف لما ذكره من فائدته، فليتنبه لذلك.

وعلى هذا القول جرى سلطان العلماء العز بن عبد السلام، فقال في كتاب "مجاز القرآن":

"الفصل الثاني والأربعون في مجاز التضمين، وهو أن يضمن اسم معنى اسم لإفادة معنى اسمين، فتعديه تعديته في بضع المواضع، كقوله: "حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق فيضمن: "حقيق" معنى: "حريص"، ليفيد أنه محقوق


١ ورد هذا النص في أول الجزء الثاني، باب "حروف الجر" في الفصل الذي عنوانه: ذكر معاني الحروف الجارة.
٢ المراد: اللفظين مطلقًا، وليس المراد الحرف المقابل للاسم والفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>