حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ⦗٣٤٤⦘ الشِّمْشَاطِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، يَقُولُ: " بَيْنَا أَنَا سَائِرُ عَلَى شَاطِيءِ نِيلِ مِصْرَ إِذْ أَنَا بِجَارِيَةٍ تَدْعُو وَهِيَ تَقُولُ فِي دُعَائِهَا: يَا مَنْ هُوَ عِنْدَ أَلْسُنِ النَّاطِقِينَ، يَا مَنْ هُوَ عِنْدَ قُلُوبِ الذَّاكِرِينَ، يَا مَنْ هُوَ عِنْدَ فِكْرَةِ الْحَامِدِينَ، يَا مَنْ هُوَ عَلَى نُفُوسِ الْجَبَّارِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ، قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ مِنِّي، يَا أَمَلَ الْمُؤَمِّلِينَ، قَالَ: ثُمَّ صَرَخَتْ صَرْخَةً خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، قَالَ: وسَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى صَوَادِ نِيلِ مِصْرَ فَجَاءَنِي اللَّيْلُ فَقُمْتُ بَيْنَ زُرُوعِهَا فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ سَوْدَاءَ قَدْ أَقْبَلَتْ إِلَى سُنْبُلَةِ فَفَرَكَتْهَا ثُمَّ امْتَنَعَتْ عَلَيْهَا فَتَرَكَتْهَا وَبَكَتْ وَهِيَ تَقُولُ: يَا مَنْ بَذَرَهُ حَبًّا يَابِسًا فِي أَرْضِهِ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا، أَنْتَ الَّذِي صَيَّرْتَهُ حَشِيشًا، ثُمَّ أَنْبَتَّهُ عُودًا قَائِمًا، بَتَكْوِينِكَ وَجَعَلْتَ فِيهِ حَبًّا مُتَرَاكِبًا، وَدَوَّرْتَهُ فَكَوَّنْتَهُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَقَالَتْ: عَجِبْتُ لِمَنْ هَذِهِ مَشِيئَتُهُ كَيْفَ لَا يُطَاعُ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ هَذَا صُنْعُهُ كَيْفَ يَشْتَكِي، فَدَنَوْتُ مِنْهَا فَقُلْتُ: مَنْ يَشْكُو أَمَلَ الْمُؤَمِّلِينَ فَقَالَتْ لِي: أَنْتَ يَا ذَا النُّونِ، إِذَا اعْتَلَّكَ فَلَا تَجْعَلْ عِلَّتَكَ إِلَى مَخْلُوقٍ مِثْلِكَ، وَاطْلُبْ دَوَاءَكَ مِمَّنِ ابْتَلَاكَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي مُنَاظَرَةِ الْبَطَّالِينَ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:
[البحر الطويل]
وَكَيْفَ تَنَامُ الْعَيْنُ وَهْيِ قَرِيرَةٌ ... وَلَمْ تَدْرِ فِي أَيِّ الْمَحِلَّيْنِ تَنْزِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute