للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عُمَرَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْرُوفٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ سَهْلِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ الدُّورِيِّ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِيسَى قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: «أَنْجَى الْأَسْبَابِ مِنَ الشَّرِّ الِاعْتِزَالُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُعْرَفُ فِيهِ. وَالتَّخَلُّصُ إِلَى خُمُولِ الذِّكْرِ أَيْنَ كُنْتَ، وَطُولُ الصَّمْتِ، وَقِلَّةُ الْمُخَالَطَةِ وَالِاعْتِصَامُ بَالرَّبِّ، وَالْعَضُّ عَلَى فِلَقِ الْكِسَرِ، وَمَا دَنُؤَ مِنَ اللِّبَاسِ مَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا، وَالتَّمَسُّكُ بِعِنَانِ الصَّبْرِ وَالِانْتِظَارِ لِلْفَرْجِ، وَتَرَقُّبُ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِحُسْنِ النَّظَرِ مَعَ شِدَّةِ الْخَوْفِ. وَمِنْ دَوَاعِي الْمَوْتِ ذَمُّ الدُّنْيَا فِي الْعَلَانِيَةِ، وَاعْتِنَاقُهَا فِي السِّرِّ مَا لَمْ يُحْسِنْ رِعَايَةَ نَفْسِهِ أَسْرَعَ بِهِ هَوَاهُ إِلَى الْهَلَكَةِ، مَنْ لَمْ يَنْظُرْ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْظُرْ لَهَا غَيْرُهُ، وَلَا يَنْفَعُ الْهَالِكَ نَجَاةُ الْمَعْصُومِ، وَلَا يَضُرُّ النَّاجِيَ تَلَفُ الْهَالِكِ. يَجْمَعُ النَّاسَ مَوْقِفٌ وَاحِدٌ جَمِيعًا وَهُمْ فُرَادَى كُلُّ شَخْصٍ مِنْهُمْ بِنَفْسِهِ مَشْغُولٌ وَعَنْهَا وَحْدَهُ مَسْئُولٌ، فَهُوَ بِصَالِحِ عَمَلِهِ مَسْرُورٌ، وَمِنْ ⦗٢٧٦⦘ شَرِّ عَمَلِهِ مُسْتَوْحِشٌ مَحْزُونٌ، وَمَرَارَةُ التَّقْوَى الْيَوْمَ حَلَاوَةٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَالْأَعْمَى مَنْ عَمِّيَ بَعْدَ الْبَصَرِ، وَالْهَالِكُ مَنْ هَلَكَ فِي آخِرِ سَفَرِهِ، وَقَدْ قَارَبَ الْمَنْزِلَ، وَالْخَاسِرُ مَنْ أَبْدَى لِلنَّاسِ صَالِحَ عَمَلِهِ وَبَارَزَ بِالْقَبِيحِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>