للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد انطوى فيه ان إبراهيم ليس سفيهاً. وأما الانتاج فخلاف ذلك، وهو ما قد بيناه ولله الحمد.

واعلم أيضاً أنه ليس في كل وقت [٦٣و] يردك الكلام الذي تريد أن تجعله مقدمة على الرتب (١) التي قدمنا لك في أخذ البرهان، لكن تردك الأقوال (٢) المخالفة لتلك الرتب على ثلاثة اوجه: فوجه مخالف لكل ما ذكرنا في الرتبة والمعنى فلا تلتفت إليه وحقق الرتبة والصدق على الشروط التي قدمنا لك، فليس يقوم لك من غبر ما قلنا برهان البتة.

ووجه آخر فيه ألفاظ زائدة لا تصلح المعنى ولا تفسده ولو سكت عنها لم تحتج إليها فلا تبال بها، وعان أخذ البرهان من سائر الكلام الصحيح، وتلك الألفاظ الزائدة إنما تعطي معنى ليس من البرهان في شيء، ومن هذا المكان تثبت لنا إقامة الحد بشهادة شاهدين اتفقا على ما يوجب الحد ثم اختلفا في صفات لا معنى لها في الشهادة، والشهادة تامة دونها، كشاهدين شهدا على زيد أنه سرق بقرة فقال أحدهما: صفراء وقال الآخر: سوداء فإنه ليس كونها صفراء أو سوداء مما يعاند (٣) سرقته لها ولا ينفيها نعني لا ينفي (٤) سرقته لها، والكلام تام دون ذكر شيء من ذلك.

ومن هذا الباب أيضاً نفسه ومن ضده أبطلنا إقرار من أقر بمحال كمن قال: فلان قتلته (٥) بسحري لعلمنا أن السحر لا يقتل، فالزيادة التي زاد مفسدة للمعنى فهي مقدمة فاسدة، ولو أقر مرة فقال، قتلته بسيف، وقال مرة أخرى: قتلته برمح لكان إقراراً صحيحاً، لأنه ليس شيء من هذه الزيادات معاندة للقتل فسكوته عنها وذكره لها سواء إذ ليس في ذكرها ما يفسد المقدمة.

ونحو هذا ما يذكره أهل الملل المخالفة لنا من أن للدنيا مذ حدثت سبعة آلاف


(١) س: الترتيب الذي.
(٢) م: قد ترد كالأقوال.
(٣) س: يغاير.
(٤) لا ينفي: سقطت من س.
(٥) م: قتلت فلاناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>