للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جثوا له على الرّكب، وأشرعوا الرماح نحوهم، فلم تقدم خيلهم على الرماح، فذهبت الخيل لترجع، فرشقوهم بالنّبل، فصرعوا منهم رجالا وجرحوا آخرين.

وجاء عبد الله بن حوزة التّميمى حتّى وقف أمام الحسين، فقال له: يا حسين [١] فقال: ما تشاء؟ قال: أبشر بالنار.

قال: «كلّا، إنى أقدم على ربّ رحيم شفيع مطاع! من أنت؟» .

قال أصحابه: هذا ابن حوزة. قال: ربّ حزه إلى النار! فاضطرب به فرسه فى جدول، فوقع فيه، وتعلّقت رجله بالرّكاب، ونفر الفرس، فمرّ به يضرب برأسه كلّ شجرة وحجر حتّى مات، وانقطعت فخذه وساقه وقدمه.

ثم برز الناس بعضهم إلى بعض، فصاح عمرو بن الحجاج بالناس:

«يا حمقى، أتدرون من تقاتلون؟ فرسان المصر قوما مستميتين لا يبرز [٢] لهم منكم أحد، فإنهم قليل، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم!» فقال عمر: «صدقت، الرأى ما رأيت» [٣] .

ثم حمل عمرو بن الحجاج على الحسين من نحو الفرات، فاضطربوا ساعة، فصرع مسلم بن عوسجة الأسدىّ من أصحاب الحسين، ثم [٤] مات، فترحّم الحسين عليه ثم قال: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

[٥]


[١] فى تاريخ الطبرى ج ص ٣٢٧: «يا حسين، يا حسين» .
[٢] فى تاريخ الطبرى ج ٤ ص ٣٣١: «لا يبرزن» .
[٣] ومنع الناس من المبارزة، كما ذكره ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ٢٩٠.
[٤] مشى الحسين إليه وبه رمق.
[٥] من الآية ٢٣ من سورة الأحزاب.