وإن قذف محصنة ثم زنى المقذوف أو وطئ وطئا زال به الاحصان سقط الحد عن القاذف.
وقال المزني وأبو ثور لا يسقط لانه معنى طرأ بعد وجوب الحد فلا يسقط ما وجب من الحد كردة المقذوف وثيوبة الزانى وحريته، وهذا خطأ لان ما ظهر من الزنا بوقع شبهة في حال القذف، ولهذا روى أن رجلا زنى بامرأة في زمان أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه فقال والله ما زنيت إلا هذه المرة، فقال له عمر كذبت إن الله لا يفضح عبده في أول مرة، والحد يسقط بالشبهة، وأما ردة المقذوف ففيها وجهان.
(أحدهما)
أنها تسقط الحد
(والثانى)
أنها لا تسقط، لان الردة ندين والعادة فيها الاظهار، وليس كذلك الزنا فإنه يكم، فإذا ظهر دل على تقدم أمثاله وأما ثيوبة الزانى وحريته فإنها لا تورث شبهة في بكارته ورقه في حال الزنا.
(الشرح) أثر عمر أخرجه البيهقى في السنن الكبرى قوله (وإن قذف محصنا … ) قال ابن حزم في المحلى: إن من قذفه قاذف ثم زنى المقذوف لم يسقط ذلك الزنا قد وجب من الحد على قاذفه لانه زنا غير الذى رماه به فهو إذا رمى محصن أو محصنة فعليه الحد ولا بد ولا يسقط حد قد وجب إلا بنص أو إجماع، ولا نص ولا إجماع ها ههنا أصلا على سقوطه بعد وجوبه بنص.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل)
ولا يجب الحد إلا بصريح القذف أو بالكناية مع النية، فالصريح مثل أن يقول زنيت أو يا زانى، والكناية كقوله: يا فاجر أو يا خبيث، أو يا حلال بن الحلال، فإن نوى به القذف وجب به الحد، لان مالا تعتبر فيه
الشهادة كانت الكناية فيه مع النية بمنزلة الصريح كالطلاق والعتاق، وإن لم ينو به القذف لم يجب به الحد، سواء كان ذلك في حال الخصومة أو غيرها، لانه يحتمل القذف وغيره فلم يجعل قذفا من غير نية كالكناية في الطلاق والعناق