أن هذه الاثار تجرى مجرى الاعيان، فيشارك المفلس البائع بقدر الزيادة - وهو الصحيح - لان الشافعي رضى الله عنه قال " وبه أقول إنها زيادة من فعل المشترى حصلت في المبيع فكان له أن يشاركه، كما لو صبغ الثوب " ولان الطحن والقصارة أجريت مجرى الاعيان، بدليل أن للطحان والقصار والخياط والنساج أن يمسك هذه الاعيان المعمول فيها إلى أن
يستوفى الاجرة، فأجريت مجرى الاعيان فيما ذكرناه.
إذا ثبت هذا فان قلنا بالقول الاول فاختار البائع الرجوع في عين ماله رجع فيها بزيادتها، فان كان المفلس قد استأجر من عمل ذلك ولم يستوف الاجير أجرته لم يكن للاجير أن يشارك بائع العين بشئ بل يضرب مع الغرماء بقدر أجرته، وإن قلنا بما اختاره الشافعي من أنها آثار تجرى مجرى الاعيان، فان كان المفلس تولى العمل بنفسه أو استعان بمن عمل ذلك بغير أجرة، أو استأجر من عمل ذلك وقد وفى الاجير أجرته فانه يشارك البائع بقدر ما زادت العين بالعمل مثل أن كان الثوب يساوى قبل القصارة (١ عشرة فصار مقصورا يساوى خمسة عشر، فللمفلس في الثوب خمسة قال ابن الصباغ: فان اختار بائع الثوب أن يدفع الخمسة أجبر المفلس والغرماء على قبولها، كما إذا غرس المشترى في الارض المبيعة أو ابتاعها فلبائع الارض أن يدفع قيمة الغراس والبناء ويتملكه مع الارض.
وإن لم يختر بائع الثوب أن يدفع ذلك بيع الثوب، وكان ثلثا الثمن للبائع، والثلث للمفلس، وان كان المفلس قد استأجر من عمل ذلك ولم يدفع إليه شيئا من الاجرة تعلق حق الاجير بالزيادة، لانا قد جعلناها كالعين، فان كانت الزيادة قدر أجرته بأن كانت أجرته خمسة دراهم اختص الاجير بالزيادة وشارك البائع
(١) يبدو أن الثياب كانت تباع على عصر الشافعي رضى الله عنه مخيطة ولكى تتناسب مع كل قامة وقوام كانت تكون طويلة ويشتريها من يريد ارتداءها ثم يذهب بها إلى القصار فيهندمها بالتقصير على حسب قامته، ومن ثم كانت القصارة صناعة رائجة كالخياطة والنساجة.