للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعريفِ عليه كأفعلَ من كَذَا أحدُ الضَّمائِرِ المنفَصِلَةِ المرفوعةِ ليؤذِنَ من أوَّلِ أمرِهِ (١) بأنَّه خَبَرٌ لا نَعْتٌ، ولِيفيدَ ضَربًا من التَّوكيدِ ويُسمِّيه البَصَرِيُّون فَصلًا والكُوفِيُّون عِمادًا وذلك في قَولِكَ: زَيدٌ هو المُنْطَلِقُ وزيدٌ هو أَفضَلُ من عمرٍو قالَ اللَّه (٢): {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ}، وقال (٣): {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} وقال (٤): {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} وقال (٥): {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا} ".

قالَ المُشَرِّحُ: هذا الضَّميرُ مَتى تَوَسَّطُ بينَ المُبتَدَأ وخَبرِه إِذا كانَ مَعرِفَةً دَلَّ على أنَّ الصِّفَةَ الواقِعَةَ بعدَ ذلك الضَّمِيرِ خَبَرٌ لا صِفَةٌ، وهذا لأنَّ ذلكَ الضَّميرَ يكونُ مُرْتَفِعًا بالابتِداءِ والاسمُ المرفوعُ بعدَه مُرْتَفِعًا بأنَّه خَبَرٌ، ثم إنَّ هذا المُبتدأ والخَبرَ هو خَبَرُ المبتَدَإِ الأوَّل فإِن سألتَ: هذا التَّجويزُ كما هو واقعٌ في المبتَدَإ الأوَّل فكذلك في الثاني فما فائِدَةُ هذا الفَصلِ؟ أجبتُ: ما الدَّليلُ على ذلكَ؟ وهذا لأنَّ المُبتدَأ الثَّاني ضميرٌ والضَّميرُ يَسْتَحِيلُ أن يُوصَفَ، وهذا الضَّميرُ يُسَمِّيه البَصرِيُّون فَصلًا لِفَصْلِهِ بينَ الخَبَرِ والصِّفَةِ، والكُوفِيُّون عِمادًا لأنَّ المبتَدَأ يَتَقَوّى بِهِ ويَعْتَمِدُ عَليه. فَيجرِ إلى نَفْسِه ذلِكَ الواقِعُ ويَجْعلُهُ خَبَرًا لَهُ ويَجِبُ أن يكونَ هو الأوَّلَ في المعنى أَلَا تَرى أنَّك لَو قُلتَ: كانَ زَيدٌ أنت خَيرٌ منه لم يَجُز. المنطَلِقُ في قولك: زَيدٌ هو المُنطَلِقُ مَعْرِفَةٌ، وأفضلُ من عَمرو مضارِعٌ للمعرفةِ مُنَزَّلٌ منزِلَتَها، وذلك من حَيْثُ أنَّ من التَّفضِيلية فيه مع ما دَخلت عليه تُفِيدُ نَوعَ تَعْريفٍ ودخولُها عَلَيهِ يُعاقِبُ دُخُولَ لامِ التَّعريفِ. وهذا لأنَّ أَفعَلَ التَّفضِيلِ يَتَعَاقَبُ عليه أحدُ الأشياءِ


(١) في (أ) مرّة، وفي (ب) وهلة. وما أثبته من المفصّل، وهو كذلك في شرحي الأندلسي وابن يعيش.
(٢) سورة التوبة والأنفال: آية: ٣٢.
(٣) سورة المائدة: آية: ١١٧.
(٤) سورة آل عمران: آية: ١٨٠.
(٥) سورة الكهف: آية: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>