للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: المقيد "بعلى" كقوله تعالى {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف ١٣]، وقوله {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود ٤٤]، وقوله {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح ٢٩]، وهذا أيضاً معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة.

الثالث: المقرون "بواو مع" التي تعدى الفعل إلى المفعول معه نحو استوى الماء والخشبة، بمعنى ساواها وهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم" (١).

قال أبو عبيدة في قوله {اسْتَوَى} قال: علا، قال: وتقول العرب: استويت فوق الدابة واستويت فوق البيت، وقال غيره: استوى أي انتهى شبابه واستقر فلم يكن في شبابه مزيد، والاستواء الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله عز وجل فقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} [الزخرف الآية: ١٣]، وقال: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود ٤٤]، وقال: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون ٢٨].

وقال الشاعر:

فأوردتهم ماء بضبضاء قفرة … وقد حلق النجم اليماني فاستوى

وقد ذكر النضر بن شميل-وكان ثقة مأموناً جليلاً في علم الديانة واللغة-قال: "حدثني الخليل-وحسبك بالخليل-قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح، فسلمنا فرد علينا السلام وقال لنا: استووا فبقينا متحيرين ولم ندر ما قال؟ فقال لنا أعرابي إلى جنبه: إنه أمركم أن ترتفعوا، قال الخليل: هو من قول الله عز وجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان} [فصلت ١١]، فصعدنا إليه" (٢).

وقال ابن القيم: "إن ظاهر الاستواء وحقيقته هو العلو والارتفاع كما نص عليه


(١) انظر مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ١٢٦ - ١٢٧).
(٢) التمهيد (٧/ ١٣١ - ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>