فأما التوحيد الأول فهو شهادة أن {لا إله إلا الله} وحده لا شريكَ له، الأحد الصَّمَد، الذي لم يَلد ولم يُولد، ولم يكن له كُفُوًا أحد» (١).
فمن المتصوفة مَنْ اعتبروا توحيد العِبادة الذي هو توحيد الرُّسُل هو توحيدُ العَوَام، وجعلوه في المنزلة الدُّنيا، وجعلوا توحيد الربوبية فوق توحيد العبادة، ولذلك جعلوا توحيد الخاصَّة هو شهود الربوبية، والفناء بشهوده عن مشهوده، وبوجوده عن موجوده، بمعنى: أنهم حصروا هذا المقام من التوحيد في شهود مقام الربوبية.
وتوحيد خاصَّة الخاصة عندهم هو توحيد أهل وحدة الوجود، الذين يقولون: إنَّه ما ثَمَّت خالق ولا مخلوق، ولا عابد ولا معبود، وإنَّ الوجود كله واحد.
فإذًا كلٌّ من الفريقين (أهل الكلام والمتصوفة) لم يُقم وزنًا لتوحيد العبادة، ولم يُلق له بالًا، ولم يُعطه اهتمامًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "العَبْد يُرَاد بِهِ المعبَّد الَّذِي عبَّده الله، فذلَّلَه ودبَّره وصرَّفه.