للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعقل، ونسكت عن الأمر الذي يغلب فيه الهوى هو نقص عظيم، فعبادة غير الله هي التي يسيطر فيها هوى الإنسان على نفسه حتى يصرفه عن عبادة الله وحده، فيعبد الأولياء، ويعبد هواه، حتى جعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي همه الدرهم والدينار ونحوهما عابداً، وقال الله عز وجل} أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية الآية: ٢٣ [" (١).

والجواب عن قول من قال: بأن معنى الإله القادر على الاختراع، ونحو هذه العبارة قيل: الجواب من وجهين:

أحدهما: أن هذا قول مبتدع، لا يعرف أحد قاله من العلماء، ولا من أئمة اللغة، وكلام العلماء، وأئمة اللغة هو معنى ما ذكرنا كما تقدم. فيكون هذا القول باطلاً.

الثاني: على تقدير تسليمه فهو تفسير باللازم للإله الح،، فإن اللازم له أن يكون خالقاً، قادراً على الاختراع، ومتى لم يكن كذلك فليس بإله حق، وإن سمي إلهاً، وليس مراده أن من عرف أن الإله هو القادر على الاختراع فقد دخل في الإسلام، وأتى بتحقيق المرام من مفتاح دار السلا،، فإن هذا لا يقوله أحد، لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين، ولو قدر أن بعض المتأخرين أرادوا ذلك فهو مخطئ، يرد عليه بالدلائل السمعية والعقلية" (٢)

وهذا التفسير الذي ذكره أولئك الأشعرية له مفاسد كثيرة، منها أن هذا التفسير يصير توحيد الربوبية هو أول الواجبات، مما يؤدي إلى عدم الاعتناء بتوحيد الألوهية اعتناءاً جيداً، بل يؤدي إلى عدم معرفته حق المعرفة، إذ يتصور كثير من عوامهم بل من نسب إلى العلم من المتأخرين منهم أن شرك المتقدمين كان لاعتقادهم بعض صفات الربوبية في الأصنام والأوثان، فغفل كثير منهم عن حقيقة الشرك وبعض


(١) القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - ١/ ٧٠
(٢) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبدالله آل الشيخ - ص ٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>