للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلي، أجرّ على المجرّة ذيلي، وتتطارد في ميدان السرور خيلي، فلمّا كان من الغد باكرني الوزير أبو محمد مسلّماً، ومن تنكّبي عنه متألّماً، ثم عطف على القائد عاتباً عليه، في كوني لديه، ثم انصرف وقد أخذني من يديه، فحللت عنده في رحب، وهمت عليّ من البرّ أمطار سحب، في مجلس كأن الدراري فيه مصفوفة، أو كأن الشمس إليه مزفوفة، فلمّا حان انصرافي، وكثر تطلّعي إلى مآبي واستشرافي، ركب معي إلى حديقة نضرة، مجاورة للحضرة، فأنخنا عليها أيدي عيسنا، ونلنا منها ما شئنا من تأنيسنا، فلمّا امتطيت عزمي، وسدّدت إلى غرض الرحلة سهمي، أنشدني:

سلامٌ يناجي منه زهر الرّبى عرف ... فلا سمع إلاّ ودّ لو أنّه أنف

حنيني إلى تلك السّجايا فإنّها ... لآثار أعيان المساعي التي أقفو ثم سرد القصيدة إلى أن قال: وله رحمه الله تعالى (١) :

سقاها الحيا من مغانٍ فساح ... فكم لي بها من معانٍ فصاح

وحلّى أكاليل تلك الرّبى ... ووشّى معاطف تلك البطاح

فما أنس لا أنس عهدي بها ... وجرّي فيها ذيول المراح

ونومي على حبرات الرّياض ... يجاذب برديّ مرّ الرّياح

ولم أعط أمر النّهى طاعة ... ولم أصغ سمعاً إلى لحي لاح (٢)

وليلٍ كرجعة طرف المريب ... لم أدر له شفقاً من صباح [١٩ - من ترجمة ابن مالك]

وقال في ترجمة الوزير أبي محمد ابن مالك بعد كلام له فيه وإنشاده بيتيه


(١) القلائد: ١٤٦ والمغرب ١: ٣٧٥.
(٢) ك: سمعي إلى قول لاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>