للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر بركة فيه عليها أشجار من ذهب وفضّة ترمي فروعها المياه، وتفنن فذكر أسوداً على حافاتها قاذفة بالمياه أيضاً، فقال (١) :

وضراغم سكنت عرين رياسةٍ ... تركت خرير الماء فيه زئيرا

فكأنّما غشّى النّضار جسومها ... وأذاب في أفواهها البلّورا

أسدٌ كأنّ سكونها متحرّك ... في النّفس لو وجدت هناك مثيرا

وتذكّرت فتكاتها فكأنّما ... أقعت على أدبارها لتثورا

وتخالها والشّمس تجلو لونها ... ناراً وألسنها اللّواحس نورا

فكأنّما سلّت سوف جداول ... ذابت بلا ناءٍ فعدن غديرا

وكأنّما نسج النّسيم لمائه ... درعاً فقدّر سردها تقديرا

وبديعة الثمرات تعبر نحوها ... عيناي بحر عجائبٍ مسجورا

شجريّة ذهبيّة نزعت إلى ... سحرٍ يؤثر في النّهى تأثيرا

قد صولجت أغصانها فكأنّما ... قنصت بهنّ (٢) من الفضاء طيورا

وكأنّما تأبى لواقع (٣) طيرها ... أن تستقلّ بنهضها وتطيرا

من كلّ واقعةٍ ترى منقارها ... ماءً كسلسال اللّجين نميرا

خرس تعدّ من الفصاح فإن شدت ... جعلت تغرّد بالمياه صفيرا

وتريك في الصّهريج موقع قطرها ... فوق الزّبرجد لؤلؤاً منثورا

ضحكت محاسنه إليك كأنّما ... جعلت لها زهر النجوم ثغورا

ومصفّح الأبواب تبراً نظّروا ... بالنقش فوق شكوله (٤) تنظيرا

تبدو مسامير النّضار كما علت ... تلك النّهود من الحسان صدورا (٥)


(١) المقتطفات (الورقة: ٣٠) وديوان ابن حمديس: ٥٤٧.
(٢) ق ج ط: قد صوبحت ... قبضت بهن.
(٣) ك: لوقع.
(٤) ق ط ج: بين شكوله.
(٥) ق ك ج ط: من الجنان صدوراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>