أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني، والعلامة أبو الفضل محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن الإمام، وعالم الدنيا أبو عبد الله محمد بن مرزوق التلمساني، وغيرهم من المغاربة، ومن أشياخه من أهل المشرق الكمال لن خير السكندري، والزين أبو بكر المراغي، والزين محمد الطبري، وأبو إسحاق إبراهيم بن العفيف النابلسي، في آخرين، ودخل القاهرة سنة ٨٢٥ فحج واسوطنها، وسمع بها من الشهاب المتبولي وابن الجزري والحافظ ابن حجر وطائفة، وأمّ بالمؤيدية وقتاً، وتصدى للاشتغال، فانتفع به الناس طبقة بعد أخرى، لا سيّما في العربية، بل هي كانت فنه الذي اشتهر به وبجودة الإرشاد لها، وشرح كلاًّ من الجروميّة والألفيّة والقواعد وغيرها ممّا حمله عنه الفضلاء، وله نظم وسط، قال السخاوي: كتبت عنه منه الكثير، وممّا لم أسمعه منه ما أودعه في مقدمة كتاب صنفه في نصرة مذهبه وأثبته دفعاً لشيء نسب إليه، فقال:
عليك بتقوى الله ما شئت واتّبع ... أئمّة دين الحقّ تهد وتسعد
فمالكهم والشافعيّ وأحمد ... ونعمانهم كلٌّ إلى الخير يرشد
فتابع لمن أحببت منهم ولا تمل ... لذي الجهل والتعصيب إن شئت تحمد
فكلٌّ سواءٌ في وجيبة الاقتدا ... متابعهم جنّات عدن يخلد
وحبّهم دينٌ يزين وبغضهم ... خروجٌ عن الإسلام والحقّ يبعد
فلعنة ربّ العرش والخلق كلهم ... على من قلاهم والتعصب يقصد وكان حاد اللسان والخلق، شديد النفرة من الشيخ يحيى العجيسي، أضر بآخرة، ومات بسكنه بالصالحيّة يوم الثلاثاء ٢٧ ذي الحجّة سنة ٨٥٣، بعد أن أنشد قبيل موته بشهر في حال صحته الشيخ جمال الدين ابن الأمانة من نظمه قوله:
أفكّر في موتي وبعد فضيحتي ... فيحزن قلبي من عظيم خطيئتي
وتبكي دماً عيني وحقّ لها البكا ... على سوء أفعالي وقلة حيلتي